Saturday, July 02, 2011

تربصات عباد الشمس

تربصات عباد الشمس
قصة قصيرة
خيال علمي

خرجنا من سُبات المتربول، في رذاذ مطر
.صباحي، خفافاً
!تحتنا تبدو البنايات أدعى للشفقة من سكانها
.ثم عرجنا

!خمة النفَس تلك نفسها
لكن كل شئ مضى سهلاً وسريعا.
أمكننا الأنس بلا التفات للنيازك تمرق من حولنا.
كنا في مشوار كوني لتلك المجرة النائية التي نقلوا إليها مجمع محاكم أحوال الوجود
والوجود الموازي.
نقلوه إلى أبعد من خيالنا.
سافرنا في مركب (عم بروتو) ذي البعد الواحد، هو وليس مركبه، بعد أن أفلحنا في إستخلاصه من داخل حلم. وهي طريقة في الإحلال المادي بدون معاناة التركيز
شرحها لنا طالب راسب في أحد أقسام الفيزياء.

وحتى قبل انبعاث عم بروتو من الحلم بلحظات كنا نظن أننا في انتظار حدث مرموق.
مارد متعدد الطبائع.
لكنه طلع علينا مخلوقاً ببعد واحد. كثير الشبه بشريط الكاسيت حينما تعصف به الريح
خارج بيته البلاستيكي.

استنكر زوهان بؤس مخاض الحلم فسأل عم بروتو:
- ياخي معقول شغال ببعد واحد؟
قاطعه سفيان منتهراً:
- بس خلاص يعني انت بابعادك التلاتة عملت شنو
لكن عم بروتو طلع طيبًا ومرحاً وشرح لنا ملابسات تخصه ثم قال:
- ياخي الدنيا دي فيها شنو! أنا مجرد شريحة مسجل عليها كل شيئ...
ثم أضاف:
- تقريباً!
وقال إن الاشياء المسجلة عليه، رغم ضآلته هو، ربما تكون في غاية الأهمية للأحياء
ثم خلص لأنه يعيش حياة عادية
مستمتعا بأسفاره وأشياء أخرى أو كما قال.
لقد كان شخصاً مسلياً بحق!
دار معه هذا الحديث قبل ان ينطلق بنا عبر ثقوب حديثة الاكتشاف مستخدماً شرط
بن تاريوف الذي يختصر السنوات الضوئية
فتبدو كأنها ساعات قلائل.
وكانت جلسة القضية على وشك البدء..
ذهبنا لنعضد عقلان. هكذا نحن بعد ان عقدنا صفقتنا مع انصاف البشر الذين تغلغلوا
في حياتنا.

كان عقلان قد تقدم لشراء حق وجود نبات عباد الشمس كمخلوق ولم يبق له الا
اجراءات بسيطة تتعلق بصعوبات
الحيازة الكاملة للجينوم. وكانت فكرته أنه سيمكنه،
كما قال هو، أن يطور هذا النبات إلى....!

صرخ زوهان حينما ناقشناه، سلفاً، في هذا الأمر:
- هذا مجرد تلفيق. لقد قال أبناء كرافيوس أنهم لو كسبوا القضية لن يفعلوا بعباد الشمس
سوى أن ينتجوا
منه زيتاً يكفي لاطعام بقية سكان الأرض العالقين على حوافها بعد
الطامة.
فرد عليه عقلان:
- ليس هذا ما سيفعلونه ياعزيزي.
وواصل بابتسامة ساخرة:
- هم يعرفون السر. هناك بوليمورفيزم فظيعة في عباد الشمس يمكن أستغلالها في
توليد أي شئ من مراعي خصبة
إلى أكوان جديدة...
ضحك زوهان وقال:
- يعني شنو بوليمرفس....
أتقصد أنه يمكن تكرار احتكار الرأسماليين البشر؟ من الابرة وحتى قاذفة القنابل
وما إلى ذلك؟

ولم ينتظر اجابة فأضاف:
- ممل!
لكنه عاد يقول لعقلان.
- كنت أظن أن الأكواد التي اكتشفتموها محكمة من غير عيوب والآن يظهر أنكم ستستثمرون في العيوب
نفسها! لا شأن لكم في معرفة اسبابها....
وهمّ عقلان أن يرد عليه ولكنه آتر الصمت ثم ما لبس ان انزوى يفكر!
لكن لم يخف علينا ما يدور في ذهنه. فلقد صرنا نعرف ما يدور في الاذهان منذ مدة
لا بأس بها.
هو كان يعتقد أن صراعه لن يكون في حيازة جينوم عباد الشمس، بل
في إلغاء القانون الذي يحظر الملكية
الفردية للكائنات. وكنت أقول لهم ما دام الخلق
ممكناً فما معنى تقييد الملكية.

نمنا قليلاً ثم حللنا في طرف قريب من مجرة ناعسة عند بناية محكمة الموازي، كما سيختصر اسمها البشر.

داخل الجلسة التي أمها عدد كبير، وكان فيهم لدهشتي بشر أسوياء، رأينا زيوس
رئيساً كالعادة. لم أكد أصدق
أن يهمل في تسريحة شعره لتلك الدرجة. وكان على
يمينه أبوللو. وجلس هيرميس على يساره.

همس فلتكان:
- أبوللو مرة أخرى. أبوللو لا يختشي من فعلته تلك. لقد قذف بجبال الأولمب كلها
في جوف ثقب أسود ذلك
اليوم مضطرا الالهة للبحث عن مقر جديد لها.
ثم اضاف:
- محكمة أسرية كالعادة. لقد قرأت أن زيوس أبرأ ذمته من الشمس قبل أيام!
فقالت "فردية":
- لله في خلقه شئون! لا بد أنه يرقد على رأي.
وهمس زوهان بشئ من الامتعاض:
- هو ابوللو هذا ماذا يظن نفسه؟ شاعر أم قاتل أم حاسد؟ إنه لا يصلح أن يطلق اسمه
حتى على نادي اجتماعي
في الخرطوم!
قلت له:
- بالراحة ما يسمعك. تدري أنه يمكن أن يحدفك بصاعقة أو أن يرجمك بسلسلة
جبال الروكي إلاً صخرتين.

تدخل ايمان: أعرفهم تماماً عيال الاولمب! لا يستخدمون من السلاح الا ما لا يخطر
لك على بال.
سلاحهم دائما القاصي الاخير والحاسم كالقدر ومع ذلك يستكثرون أن
يسمونه قدراً أو قضاء!
لا يتنطعون أبداً.
يا أخي باختصار القضاء ينتظر ما يفعلونه ثم ينسبه لنفسه. القضاء مشكلته ليس في
كونه أمراً محسوماً سلفاً
سيحدث في قادم الايام بل في كونه أمراً قد حدث قديماً.
إنه....

قاطعه فلتكان يا ايمان ياخي الناس ديل ألا نجد عندهم ذلك الجزئ .... مااسمه.
هتش تو أو؟

قال ايمان مستنكراً:
- لا تتحدث هكذا عن الماء!
ضحكت "رايان" وكانت تلبس سوارها نفسه الذي هو عبارة عن مدار لنيزكين
يطارد أحدهما الآخر.
وكانت في مناسبة أخرى تجاهلت سؤالي عن أيهما يطارد
الآخر ولم تعلق حتى بعد أن طمأنتها أن هذه
ليست كقضية الدجاجة والبيضة أو
أنني أستدرجها لموعد كوني.

ولكن فردية كانت قد قالت لي:
- أنا أعرفها جيداً. غلسة جداً. وتنكر انها تتحدث في الجنس.
والله حديثها كله في الجنس. فما شأنها بحديث عن نيزكين تلبسهما سواراً.أليس
هو الآخر جنس؟

ثم أضافت فردية:
- سؤالي هو بعد ان تستعيد النيازك سيرتها الأولى ويسمح لها بان تعود أجساماً
فضائية كسابق عهدها

فماذا هي فاعلة عند موت الغواية؟
أثارني كلامها لكني قلت لها متصنعاُ أني فهمت منه فهماً كثيراً:
- سيسحبونها معهما. مع النيازك. فعلوها مع تلك المرأة من المكسيك. لقد توقف
الناس عن متابعة قضيتها

ولكن يقال ان سكان بعض القرى في هوندوراس يعانون في بعض الليالي من صراخها
وهي مشبوحة في
مدار نيزكين.
قالت بقرف:
- يالها من طريقة بشعة في تعذيب النفس. أعجب كيف تكون المتعة في هكذا ممارسة!
والآن صار حديثنا أكثر إثارة ولكن....
خبط زيوس على المكتب أمامه:
- سكوت! أنتم في محكمة يا سادة!
وصمتنا نستمع لمرافعة وكيل أبناء كرافيوس وللأسف كان لا يكاد يبين. بل اعتمد
على لغة بالاشارة غمضت علينا
مدلولاتها. ولكن بدا أن رئيس المحكمة ونائبيه
كانوا يفهمونه ولم يكن يعنيهم إن كان الحضور كذلك أم لا.

ثم جلس الكائن.
كان غريب الهيئة ولا يمكن بسعة العقل البشري أو حتى المحّسن أن تفهم أبعاده.
فهو ربما كان متدفقاً ولم تكن له هيئة واحدة.

ووقف بعده عقلان يرافع عن نفسه ببلاغة فائقة ومعرفة مذهلة بالقانون.
ثم ختم مذكراً المحكمة:
- لقد قمت سلفاً بشراء أشجار عباد الشمس من جميع الآفاق. وكذلك جميع بذوره
على وجه الأرض وتحتها.
وماتطاير منها في السماء. واستطاع علماء استأجرتهم
أن ينزعوا من عباد الشمس ما أسماه غريمي تربص الشمس.

وقالوا إنها ليست خاصية فيه. لم يعد ممكناً لأي عباد شمس أن يتلصص اشعة الشمس.
من كان يظن أنه كان يعبدها.....لم يعد يعبدها يا مولاي.
وضحك حضور القاعة إلاّ زيوس!
وأضاف عقلان:
- مولاي، لن ينمو عباد الشمس في أي مكان سوى ما تبقى صالحاً من كوكب الأرض.
ولذا فالأولى بحيازته هو
من يستطيع العيش في هذا الكوكب. ليس هناك، مولاي،
ما يمكن أن تطلق عليه اسم عباد الشمس خارج الحيز الذي...

قاطعه زيوس بصرامة:
- لا تقل حيازة. أراك قلت حيازة. لن يحتاز أحد شيئاً من المخلوقات.
ثم عمم كلامه للحضور:
- لا يزال عليكم أيها السادة أن تطلعونا بأي تعديلات في الخلق تقترحها عقولكم
الماجنة.

كان غريم عقلان منزوياً وزاهداً عن الحديث ثم لسبب ما أشرق فينا بشراً سوياً،
يعبث بشعر صدره وعلى عينيه نظارات شمسية.
وكان أبوللو منتبهاً له بشكل خاص.
ذكرني هذا بكتاب "غراميات الآلهة". وكذلك تذكرت فردية التي انخرطت
تكتب
للصحيفة التي التحقت بها مؤخراً فلقد قالت لي يوماً أنها سئمت من رومانسيات
القادمين من الفضاء. واضافت هؤلاء

القادمون لا يعترفون باختلاف النوع. ينسون ذلك تماماً حتى اللحظات الأخيرة.
وكانت هي كاملة البشرية مثلي.
وبعد مداولات مملة، لم ندرك أكثر ما جاء فيها، رفعت الجلسة. خرجنا للترويح
عن نفوسنا. ولمحت أبوللو يأخذ غريم
عقلان عبر ممر سحيق.
قلت لعقلان وأنا اتابعهما وهما يهمان بركوب نيزك قديم:
- من هو غريمك هذا؟ من أي عهد في القرى يتدفق!
أجابني ضاحكاً:
- ياخي ألا يكفيك غرابة أن دعواه قائمة على تربص عباد الشمس بالشمس!
عالم تندرع في أي فرصة!

لقد احتاز هو وموكليه الشمس أصلاً ويريدون اضافة عباد الشمس. يقولون إن
سره مستمد من الشمس....

....
لكنني وأنا أحرك قطعة الثلج في كوبي، بعد أن غادرني، فكرت في الفرصة التي
يصارع هو نفسه من اجل نيلها.
لقد قال لي يوماً إنه سيصنع الانفجار العظيم الذي
يخصه. وكنت أصلي أن لا يفعل! لقد سئمنا الانفجارات.

وقضى زيوس وأولاده أن لا قبول لحجج عقلان ولكنهم لم يفصحوا عن أيلولة
عباد الشمس.

خارج الجلسة وقف أحد سكان الارض وكنا قد قطعنا صلتنا بهم بعد أن غادرناها
للعيش مع نسبائنا في أنفسهم وفي الآفاق.

بدا ساكن الأرض هذا شاكياً، كعادة أهله، من طول الطريق!
قلت لفردية وأنا أشير للبشري يستجدي ركوباً:
- أرى أن الوجود المفتوح الذي نتخبط فيه هذا أجدر بالعيش من حياة أهلنا الرازحين
في سفلية الأرض.

ثم همست في أذنها:
- هل فعلاً قطعت الأمل في القادمين من الفضاء؟
إنتهت
----------
مصطفى مدثر

______________________

No comments:

 

accutane lawsuit