Tuesday, February 14, 2006

إنتظار



أنتظار
"الى أخي، خليلي هاشم الخير حبيسا في سجن سواكن1990 "


مشكاة على البحر الحزين،
تنسرب اليك منها قهقهات المهربين،
وانعتاقات الملح من شبق الرطوبة.
تهرب النوارس من رائحة القهوة الرديئة التي وضعت جسدك قبالتها!
أين منك عبق البن تحمله اللواري من مهبط الشمس عبر دروب المحل!
الوساوس تستبيك بقوة الامكان!
فما أدراك، لربما لم تعد الشمس تعدو من دار صباح لدار غرب و لا السافل يبتغي
سر الصعيد!
الوساوس لا تفارقك و أنت مستبصر كدأبك، كل صبح، نيفا و ألف يوم، اجابة السؤال: أين هم؟
يزعجك أن الزمن اللامحدود، المفتوحة عليه كل نوافذ الغموض، لن يكفي لادراك الاجابة الشافية!
__________

الباحة الرملية!
باحة الرمضاء!
حولها شجيرات بلا حمية للخضرة.
و عسكر بموهبة الثبات للتصلية.
الضوء عامود من اللزوجة الصباحية الباهرة،
و الضباط قادمون للتسلية! يبحلقون من خلل غشاوة الخمر في الخارجين من هياكل تحريز البشر.
سيصطفون صفا، و سترفع عقيرتك برقمك و تتمشى و الآخرون قبل موعد الوجبة، و ستذكر:
ليس ثمة ذقن حليقة، و لا وعد بالزيارة يبرق من حدقة متعبة.
يزيغ بصرك فوق أكتاف العساكر و خلفهم، صوب الاسوار المضجرة الى حيث
النشع الطليق أو كركرة السقط في القاع. الى حيث برودة الازرق و هو يركل ذبده.
تنفصل من روحك شظايا الغرائز المؤجلة.
افطار مذل للشبع، يكون فى انتظارك، أم سرحة مع السؤال فى شكله الصوفى: أين هم؟
___________

فى موجة أخرى من الهواء الضرير، تبصرك الغيوم!
تفض هذا الخطاب فى لهفة.
ها هم تذكروا أنى أنا الغائب!
أقول إن الأمر شائك.
وأنت مصغ بحب ،
لو تبادلنا مكانينا هل تذم شفاهك أم تنتحب؟
ضع الكتاب تحت حجر مجدور يفسح سرطان البحر مكانا للكلمات الراعشة!
هل يمكن أن تجيب على سؤال دون أن تعاين؟ أو تعاين قبل أن يسترد صدرك رحابة الكون؟
___________

البحر ساكن و الاسماك تلوّح لك بشهادات ميلادها!
أن ألأمر، بعد، شائك و أنا أمزق أسمالي قدام العذارى في اللوحة التي
في الغرفة التي..
في الغربة التي...
عبرت بنا كلينا...
للهفة التي..
للشهقة التي ذكرت فيها أنك طيف عائد، و أنهم سيفسحون للريح عبر قضبانهم تنقض على
أوراق الذاكرة، و أنك شامخ و ناذر نفسك للوعد القريب!
____________

أطلقت سفينة بدينة صافرتها ديناصورية الصوت و هي تتهادى نحو المرفأ العجوز.
سأل نفسه والفرح كرة من الجليد تتشظى داخل جوفه الحار:
ما الوعد القريب؟
____________

ترك أوراق الخطاب ترقص فى طريقها بين أرجل الحراس وعبر المدخل صوب البحر الساكن.
تسارع بصره فوق الأخضر الذى حف الأفق ثم امتطى صهوة الأزرق فى قبة السماء.
سقطت فى عروقه حبيبات ابتسامة غامضه فأنشد فى شجن:
فى موجة أخرى من الهواء الضرير تبصرك الغيوم!

القاهرة 1991

No comments:

 

accutane lawsuit